بعض مما قيل في الكظيم السجين الغريب المغيب الإمام موسى الصدر ( فرج الله عنه في القريب)
الإمام السيد روح الله الخميني :
- السيد الصدر رجل أستطيع أن أقول بأنني ربّيته، وهو بمنـزلة ولد من أولادي الأعزاء، أتمنى أن يعود بخير إلى دياره إنشاء الله، وأنا متأسف جداً لعدم وجوده بيننا في هذه الفترة ، آمل أن يأتي ذلك اليوم الذي نصلي فيه معكم ومع السيد موسى الصدر في القدس إنشاء الله .
- السيد موسى الصدر الذي رأيته سنين طويلة بل يجب أن أقول إنني ربيته أنا اعلم فضائله وخدماته عندما ذهب إلى لبنان، كما إنني اعلم أن لبنان يحتاج إليه وأتمنى أن يعود ويستفيد منه المسلمين هناك.
ما حل لخدمة الرسالة والإسلام ويعتبر عبادة ويجب أن يكون ذلك سهلا علينا لأنه في طريق الإسلام.
نحن نعرف إن أولياء الإسلام وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وآله قضى عمره في التعب والألم وبعده الأئمة عليهم السلام
حتى يوم واحد لم يكن مريح لهم حسب اصطلاح الماديين ولكن باصطلاح العرفاء وأولياء الإسلام كله كان سرور لهم هذه قاعدة كانت منذ وجود أول أولياء الإسلام حيث سجنوا أو قتلوا أو تألموا لأهدافهم.
السيد موسى الصدر الآن له في السجن سنتين لكن جده قضى في السجن سبع سنوات ويقولون أربعة عشر سنة.
هذا طريق أولياء الله وليس فقط الذين جاؤوا في زمن الإسلام بل قبل الإسلام كان الأنبياء والأولياء عبر التاريخ يتألمون ولكنهم كانوا مسرورين لأن ذلك لخدمة أهدافهم وهذا افتخار لكم أيضاً.
آمل وأدعو له وسوف اعمل لكي يعود إنشاء الله لا يوجد فرق في الإسلام بين الشعوب كلنا مسلمون ومسائل إيران ولبنان واحدة.
خدمات الإمام الصدر في إيران أم في لبنان في السجن أم خارج السجن كلها خدمة.
آمل من الله أن يسر قلوبنا بعودته إلينا واطلب من الله أن يصبر عائلته ويري عيون الجميع حضوره ويوفقه لخدمة الرسالة ويستفيد منه شيعة لبنان بل جميع المسلمين إنشاء الله.
-كانت قضايا لبنان وفلسطين جزء من أهدافنا الأساسية منذ بداية نهضتنا ولم تكن منفصلة عن قضايا إيران. كان السيد موس الصدر أبنا من أبنائي وأنا متأسف ومتأثر لأجله وقد بذلت جهودي في النجف وفي إيران وآمل أن نراه بيننا في أسرع وقت ممكن .
-القضية الفاجعة واللغز الذي تأثرنا لأجله نحن وعلماء إيران وسائر الأقطار فاجعة الإمام الصدر التي لا تحل إلا من خلال الدولة الليبية.
القائد السيد علي الخامنئي :
- إنّ توحيده لشيعة لبنان، وإعـطائها هويتها، وإيجاد جو العيش المشترك والاحترام المتبادل بين المقتدين بالمذاهب الدينية والسياسية في ذاك البلد من جهة، والوضوح في تعريف النظام الغاصب الصهيوني بأنه " شر مطلق"، وتحريمه للتعاون مع هذا النظام من جهة أخرى، وثم احترامه ومحبته الحميمة لقائد الثورة ومؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إنْ في المجال الثقافي وفي كتاباته وفي مساعدته وتعاونه مع المناضلين الإيرانيين لمدة طويلة، أوجدت من هذا العالِم الجليل، وهو الابن البارّ للحوزة العلمية في قم ولإحدى العائلات العلمية الكبرى من عالم التشيّع، شخصيةً شمولية ، ولأجل ذلك كله، أظهر إمامنا الكبير الراحل تعلّقه وتكريمه لهذه الشخصية المعززة منذ انتصار الثورة في مناسبات عدة.
لا شك أنّ حرمان الساحة في لبنان من حضور هذه الشخصية القيّمة الفذّة كانت ولا تزال خسارة كبيرة، ويؤسفني أنها لم تلاقِ ردة الفعل المناسبة من قِبل الذين يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان ، آمل أن ينتهي السكوت و ينجلي الغموض عن هذه القضية بجهود أصحاب الهمة والمسؤولية .
آية الله السيد محمد باقر الحكيم الطبابطائي :
- الواقع أنه من خلال معرفتي بالإمام موسى الصدر يمكن القول إنّ غيابه يمثّل خسارة كبيرة على مستوى التحرك الإسلامي العالمي، لأنّ توجهاته كانت توجهات عامة، وغيابه يمثّل غياب قائد كبير للشعب اللبناني، كذلك يمثّل غياب قائد كبير للحركة الإسلامية في العالم. ومن خلال تجربتي الشخصية، كان له موقف رائد وعظيم مع المرجعية الدينية في النجف الأشرف، يوم تعرضت السلطات الحاكمة آية الله العظمى السيد محسن الحكيم، كان للإمام الصدر دور في الوقوف بوجه النظام، وتعريته وإظهار مدى تماديه وتحدّيه لأقدس مقدساتنا، وهي المرجعية الدينية. وأذكر تماماً موقف النظام الحاكم والعاتب على الدولة اللبنانية، نتيجة موقف الإمام الصدر، وكان للنظام الحاكم دور في إخراج الآلاف من العراقيين في لبنان والطلب منهم العودة سريعاً الى بلادهم احتجاجاً على الموقف الرائد الذي اتخذه الإمام الصدر .
هذه المواقف كان يقفها سماحة الإمام موسى الصدر، والتي تتخذ الطابع الثوري، إمتثالاً منه للواجب الشرعي. كانت مواقفه مواقف ذلك الإنسان القادر على التخطيط، وعلى تنفيذ ما يتخذه من قرارات.
وكانت تجمعني بالإمام الصدر أخوّة وصداقة ودرب نضال وهناك رسائل متبادلة بيننا للعمل على وضع الخطوط العامة في وجه المؤامرات التي تحاك ضد طموحات هذه الأمة .
آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي :
- كانت نشاطات الشيوعيين في إيران قوية، وكانت تُنشر كتبُهم، وازدادت هجماتهم على الإسلام بشكل وقح، ووصلت وقاحتهم إلى إصدار كتاب بعنوان (نكبهانان سحر وأفسون) يعني (حراس السحر والشعوذة) ويعنون به علماء الدين .
بدأت أصداء هذا الكتاب تتردد، وشعر الجميع بخطرهم يعني الشيوعيين إذا ما إستمروا بالانتشار على هذه الصورة، واتُخِذَ القرار بمواجهة الإعلام الشيوعي، وإجتمعنا مع السيد موسى صدر والسيد بهشتي وبعض الأصدقاء، وقررنا بأنه من واجبنا قراءة كتبهم ومعرفة ما يقولون، وبعدها نفكر بما نرد به عليهم.
والحق يقال إنّ السيد الصدر في هذه الإجتماعات كان كالنجم يتلألأ، وبالتعاون معه تمكنا من تطوير هذا النشاط، وبجده تمكنا من نشر كتب ضد الشيوعية، واستطعنا أن نوقظ المجتمع إلى ما كان غافلاً عنه.
ولم يكتف الإمام بهذا النشاط، بل عمد إلى إصدار مجلة باللغة الفارسية وكان ترخيصها بإسم " مكتب إسلام "، أي المجلة الإسلامية، حيث نشر فيها أهم دراسته في الإقتصاد والفكر الإجتماعي وقد انتشرت المجلة انتشاراً باتت معه من أهم المجلات في إيران ، وقد أسهمت بشكل خاص في نشر أفكار تيار علماء الدين المتحرر في إيران .
آية الله العظمى السيد عبدالكريم الموسوي الأردبيلي :
- يعود تاريخ تعرفي إلى سماحته، إلى سنة 1321 شمسي (1942 ميلادي ). في أواخر تلك السنة، أي الفترة التي أتيت فيها إلى قم، تعرفت إليه بعد مَضِيِّ عدة أيام على وجودي هناك، ذلك أن دروس الحوزة العلمية، كانت تستوجب حضور حلقات مشتركة،واقتناء كتب واحدة، في تلك الفترة،كان سماحته يتابع دراسة مرحلة السطوح في الرسائل والمكاسب، ومن خلال مشاركتي في تلك الدروس،تعرفت إليه.
كان يتمتع بسمات خاصة للغاية لناحية الكفاءات والأهلية، وقد أهلته صفات الدراية، الذكاء الحاد، وسرعة الفهم والبديهة، والدقة والتأمل العميق في المسائل العلمية، إلى تصدّر كلّ أصدقائه وزملائه في الأوساط العلمية.
أضف إلى ذلك أنه كان يتميز بدراية تامة في المسائل واللياقات الإجتماعية، فكان من الطبيعي أن تصبح له علاقات واسعة النطاق مع الناس، كما أن وضعه العائلي كان يستوجب ذلك.
أيضاً، فإن خصائصه الأخلاقية القويمة كانت تحتم وجود هالة اجتماعية مميزة من حوله، كانت لديه معلومات متنوعة حول الشؤون الإجتماعية، الأمر الذي كان يفتقده طلبة الحوزات العلمية في تلك الأيام، نظراً لإستغراقهم في المسائل العلمية البحتة.
كان إنساناً محبوباً وجذاباً وقريباً من القلب، صداقاته عديدة ومتنوعة، الكل كان يفتخر بوجود صلة تربطه بسماحته كي يستفيد من أدبه، وأخلاقه، ودرايته، وفهمه، وذكائه، وشخصيته الفذة. وكلما إنضم إلى إحدى حلقات الدرس والبحث، أصبح من المتفوقين بسرعة ملحوظة، وقد تابع دراسته العلمية في الحوزة حتى مرحلة الإجتهاد إلى أن أصبح أحد المدرسين المجلين في الحوزة العلمية.
- إنه عالم مجتهد متق ِ ، وكان يهتم بما يجري في إيران دائماً، ولم يغفل عن متابعة الأحداث في إيران، حتى عندما كان في لبنان مشغولاً في الأزمات اللبنانية الكثيرة، وكان يواكب ما يجري في إيران بشكل مستمر، ويتبادل الرسائل مع الثوار الذين كانوا يتحركون داخل إيران، ويرشدهم ويساعدهم. وكان مساهماً مهماً في تحقيق أهداف الثورة، وكانت علاقته مع حضرة الإمام الخميني قريبة جداً، كما كانت ثقته بحضرة الإمام الخميني قوية جداً وكان إيمانه بالثورة رفيعاً جداً.
طبعاً تعرّض للشائعات المغرضة، كغيره من الشخصيات العلمية والدينية والسياسية، ولم يكن بمأمن عن هذا النوع من المواقف، لكن شخصيته كانت أكبر من أن تتأثر بهذه الشائعات.
من أصدقاء الإمام موسى الصدر، الأخ العزيز المرحوم آية الله الشهيد الدكتور السيد بهشتي، وكانا على علاقة وطيدة جداً.
سافر الشهيد بهشتي في إحدى رحلاته من ألمانيا الى لبنان، وحلّ هناك مدة عند الإمام الصدر، عقدا خلالها لقاءات مطوّلة حول الثورة الإسلامية في إيران ولبنان. أنا لم أشارك في تلك الجلسات، لكن الشهيد بهشتي أخبرني بذلك عندما عاد الى إيران، كما تحدّث الإمام الصدر معي حول ذلك عندما التقينا في مدينة جدة خلال مراسم الحج ، وكان كل منهما مسروراً لنتائج تلك الجلسات المهمة جداً والقرارات التي توصلا إليها، وكان كلاهما يقول إنّ اللقاءات كانت موفقة جداً،
أعتقد لو أنه بقي موجوداً حتى الآن لكان من الثروات العظيمة جداً، التي تتمتع بحضور مفيد جداً في الثورة الإسلامية في إيران، وفي خدمة حضرة الإمام الخميني ، والى جانب الإخوة الأعزاء الآخرين.
- عندما كنا ندرس سوياً عند آية الله الراحل الداماد كان يطرأ عندي أحياناً بعض الإشكالات وأقرر أن أطرحها، وبينما كنت أفتش عن جملة مناسبة لأعبّر فيها عن الإشكال، يبادر السيد موسى فوراً ويبيّنه في أقصر عبارة وأوضح جملة، وبلحن مناسب جداً، ولم يشعر أي شخص بالملل من مداخلاته في مختلف الأبحاث العلمية والإجتماعية.
تميّز أيضاً بخصوصية أخرى هي أدب البيان، غير القدرة على البيان، فلم أسمعه يوماً رفع صوته في حديثه مع الآخرين، أو تحدّث بخشونة واستعمل ألفاظاً حادة وتعابير مهينة بحق أحد.
إمتياز آخر تجلّى به، ويعتبر من تجلياته الرفيعة والسامية، هو الإنصاف في البحث، فقد وصل الى الحد الأعلى للإنصاف، وكانت روح البحث عن الحقيقة بارزة جداً في سلوكه، ولم يحاول في أي وقت أن يفرض موقفه على أحد، وإذا وجد موقف الطرف الآخر صحيحاً يتقبّله بكل رحابة صدر.
آية الله العظمى السيد موسى الشبيري الزنجاني :
- منذ بداية إنطلاقتنا في مرحلة الدراسة العلمية في الحوزة، بدأنا سوية في خوض غمار البحث والتحقيق. وقد انفرد سماحته منذ البداية بمميزات ملفتة كانت تضفي حيوية خاصة على أجواء الدرس:
أولاً من ناحية سرعة الفهم والإستيعاب، فقد كان حاد الذكاء وسريع الإستيعاب للمسائل إلى حد كبير، لذا يمكن إعتباره من الصفوة في هذا المضمار.
ثانياً: وعلاوة على سرعة الفهم، هناك نقطة صفاء الفهم ونقائه ، إذ أنه تميز بفهم صافٍ متطابق مع فطرته، ومن ناحية دقة النظر، يمكن أن نجد من يفوقه موهبة من بين الكبار، أما من ناحية صفاء الفهم النابع من الفطرة، وروح البحث عن الحقيقة المستندة إلى الفهم الزلال النقي، فلا أستطيع أن أقدم عليه أحداً من الناس... لا أحد ؟
كان فهمه صافياً ونقياً إلى أبعد الحدود، جانب آخر من مزاياه ألا وهو بيانه البديع ، إذ أن بيانه تميز بالوضوح والسهولة واليسر وتحاشي التعقيد، كما أن نَبِرَةِ صوته كانت تتميّز بالهدوء والرقة والعذوبة، وعند خوض غمار الأبحاث سواءً الإجتماعية منها أم العلميةلم يكن أحد يشعر بالتعب أو الملل من أحاديثه وشروحه، من ضمن الخصال الأخرى التي تحلّى بها سماحته، نذكر الإلتزام بآداب البيان ومن البديهي أن وضوح البيان وسهولته هما غير آداب البيان، فطوال المدة التي عرفته خلالها، لم ألاحظ أبداً أنه رفع صوته أو تعامل بخشونة، عند التحدث مع مختلف الأفراد لم يستعمل أبداً لفظة حادة، أو عبارة جارحة، أو كلمة فظة، أو أدنى إهانة خلال تعاطيه مع مختلف الناس لم يصدر ذلك منه على الإطلاق، أي أنه كان يتميز بأدب وافر في الحديث، وهذه الصفة هي عبارة عن ميزة أخرى كانت تبرزه بين الناس، وتجعله مفضلاً لدى الآخرين، وهناك ميزة ثانية تعتبر من أفضل وأروع السمات التي إتسم بها، ألا وهي الإنصاف في البحث والمناقشة، كان منصفاً إلى حد لا يوصف، إذ أن روح البحث عن الحقيقة، والسعي إليها كانت غالبة عليه، لم يحاول أبداً أن يفرض كلامه وآراءه على الآخرين فرضاً، من الممكن أن تجد شخصاً لا يفرض رأيه على الآخر، ولكنه عندما يجد أن جهوده لم تفلح، وأن الشخص المعني لم يقتنع، فإنه يمسك عن الكلام أما سماحته فلم يكن يفرض رأيه على أحد، وعندما كان يجد أن كلام الطرف الآخر يستند إلى حجج وبراهين وبيِّنات، كان يأخذ بكلامه ويقتنع برأيه على الفور، من دون تردد أو إنزعاج أي أن الإعتراف بأحقية الآخر وصوابية كلامه، كان أمراً عادياً جداً بالنسبة إليه سأروي الآن إحدى الخواطر التي تشكل خير دلالة على هذا الأمر. عندما توفي المرحوم السيد أبو الحسن الإصفهاني لمع نجم عالمين على أنهما الأوفر حظاً لحيازة مركز المرجعية ومن الطبيعي أنه كان يوجد عدد من المراجع الكبارولكن هذين العالمين كانا من الصفوة، بالإضافة إلى أن الرأي العام كان يفضلهما على البقية ، أحدهما كان المرحوم آية الله السيد البروجردي والآخر المرحوم آية الله السيد القمي وكما عرفنا من سياق الحديث، فإن السيد القمي هو جد السيد موسى الصدر لأمه حينها قال السيد موسى الصدر:
( لقد حققت في هذه المسألة مع أهل الخبرة وتوصلت إلى نتيجة مفادها أنه يجوز تقليد أي منهما ، ولكني سأقوم بتقليد آية الله البروجردي وذلك لسببين: أحدهما أن سماحته هو أقرب إليَّفإذا إحتجت إلى طرح مسألة معينة ومعرفة جوابها، فهو موجود في قم، على مقربة منا في حين أن السيد القمّي موجود في العراق، حيث لا يمكن الاتصال به بيسر وسهولة ، والسبب الآخر هو أن هذا الاختيار هو أبعد عن التعصب عن التعصب البيتي والعائلي وأنا لا أريد أن أتأثر بهذه العوامل ).
فكانت روحه دائمة البحث عن الحقيقة، وتألّق من أجل الوصول إليها، هذه العوامل المتعددة التي أتينا على ذكرها، هي التي جعلت سماحته يسمو إلى قمة لا تضاهى .
- في عام 1954 انتقل الإمام السيد موسى الصدر إلى العراق، وأقام في النجف الأشرف، وتابع دروسه الدينية خلال فترة أربع سنوات، فأخذ فيها الأصول عن المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم، وأخذ الفقه عن زعيم الحوزة الدينية العلمية السيد أبو القاسم الخوئي؛ وكانت هذه المرحلة بمثابة تعميق وتوسيع الدراسة وفي هذه الفترة التقى في حلقات الدرس سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين في منزل آية الله السيد محمد باقر الصدر ابن عم السيد موسى الصدر وصهره .
- إلى جانب القليل من الصفات التي ذكرْتُ، تميّز سلوك الإمام بالخروج على التقاليد التي تفرض نظاماً قاسياً على المراجع وأولادهم، حيث أنه كان يحضر مباريات كرة القدم، ويحمل ابنه صدري خارج المنزل.
- كان السيد موسى يتمتع بمزايا خاصة علمية وأخلاقية وروحية، فكان يمتاز بسرعة الإدراك والإستيعاب وكان من جملة أصحاب الدرجة الأولى في هذا المجال، وبالإضافة الى سرعة الإستيعاب تميز بإدراك أصيل متطابق مع الفطرة، وكان باحثاً عن روح الحقيقة التي نشأت من هذا الإدراك الصافي،وامتاز بدقة نظره، وكان في هذا المجال أيضاً من فئة الدرجة الأولى، تميز أيضاً بجانب آخر هو القدرة على البيان، فكان بيانه واضحاً خالياً من التعقيد .
آية الله الشيخ علي مشكيني :
- بداية يجب أن أقول إنّ كل شخص يتحدث عنه بكلام حسن يرتفع مقامه ومنزلته، نعتقد أنّ مقام الإمام موسى الصدر رفيع جداً، ونعرفه إنساناً ملتزماً بالتعاليم الإلهية، ورجلاً عارفاً بالديانة وعارفاً بالسياسة.
لقد أحببته كثيراً ولا أزال، ويجب أن أقول إنّ السيد الصدر كان من ذخائر عالم التشيع، وكان من أغلى الثروات الإنسانية لعالم التشيع.
- السيد موسى الصدر كان من تلامذة المرحوم الداماد النُّجَبَاء ، وقد حرص كل الفضلاء المشهود لهم بالخبرة والدراية والحنكة، على حضور دروسه محاضراته؛ وكان الإمام موسى الصدر، أحد أعلام هذه الصفوة .
أثناء ساعات الدرس، كان ماهراً، محققاً، باحثاً، متحدثاً ومناقشاً، مجموعته كانت تضم نخبة من الطلبة المميزين من أمثال الشهيد السيد بهشتي، كان سماحته معروفاً في فترة دراسته في الحوزة، حيث كان يشار إليه بالبَنان في أوساط الطلاب الذين نال إحترامهم وتقديرهم، ومن الناحية العلمية، كان بارزاً في المجموعة التي ضمت زملاء الدرس والتحصيل، وإذا لم نرد القول إنه تفوق على الجميع، فإن أحداً لم يتقدّمْه على أي حال، كان يحتل مكانة علمية مرموقة، وأما النقطة الأخرى التي ميزته من البقية، فهي أنه كان يتابع الدراسة الجامعية أيضاً في جامعة طهران ، كان من الفضلاء الكبار حقاً ومنذ تلك الفترة كنت واثقاً من أنه يتمتع بالقدرة على إستنباط الأحكام.
ولكن دراسته للعلوم الدينية لم تبعدْه عن متابعة الدروس الأكاديمية، فالتحق بجامعة طهران كلية الحقوق وتخرج منها حاملاً إجازة في العلوم الإقتصادية، فكان بذلك أول رجل دين يدخل الجامعة في إيران ويحصل على شهادة جامعية في غير العلوم الدينية .
- إلتفتنا مؤخراً الى أحد الأبعاد المهمة في شخصيته هو مظلوميته، أعتقد أنّ مظلوميته تختلف عن مظلومية شهدائنا ، أمثال المرحوم الشهيد السيد محمد باقر الصدر، والمرحوم الشهيد الشيخ مطهري، والمرحوم الشهيد السيد بهشتي والمرحوم الشهيد الشيخ باهنار ، مظلوميته أكبر من مظلوميتهم جميعا ً .
الدكتور العلامة السيد هاني فحص :
- أنا أريد أن يكون الإمام موسى الصدر بيننا الآن، لأسباب شخصية ووطنية وقومية وإسلامية ، فأنا (وأعوذ بالله من هذه النون بين ألفين)، اخترت الحوار نهجاً واختبرته فأصبح إيماني أعمق، وأصبح إسلامي أوسع، وأصبح تشيعي أكثر حيوية، وأصبح ميلي إلى الشورى والديمقراطية وقبول الآخر أقوى ، إذن أصبح مكاني الحقيقي هو إلى جانب الإمام الصدر، الذي يقف في ذاكرتنا كنخلة لا يختلف اثنان مهما يكن دينهما أو طائفتهما أو دولتهما أو حزبهما أو ثقافتهما، على حلاوة ثمرها وفائدته، حتى انه دخل (أي التمر) في الاستحباب المؤكد لبدء الإفطار به وعليه في الصوم ، وكأنه محطة الفرح بين الطاعة واقتراف الحلال من المأكل والمشرب ، وكان الإمام الصدر طويلاً كالنخلة ومغدقاً كالنخلة ، وكانت عيناه خضراوان كسعف النخلة وثمارها الغارقة في الخضرة قبل ان تتلون بألوان الشوق الأحمر والأصفر إلى الشبع والامتلاء وحلاوة المذاق والعافية.